الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة
.مسألة يقول عند الموت إن عبدي هذا لم يكن إلا حرا وما اشتريته قط: قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة والكلام عليها في رسم العرية من سماع عيسى، فلا معنى لإعادته. وسيأتي آخر هذا السماع في مسألة من هذا المعنى نتكلم عليها في موضعها إن شاء الله. .مسألة أوصى وقال ميمون ومرزوق وجابر عبيدي لمحمد وجابر لعبد الرحمن: قال محمد بن رشد: هذا صحيح على المشهور في المذهب المنصوص عليه في المدونة وغيرها من أن الرجل إذا أوصى لرجل بشيء بعينيه، ثم أوصى به لغيره، ولا تكون وصيته الآخرة ناسخة للأولى ويقتسمان جميعا ذلك الشيء بينهما. وقد مضى في رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم مسألة حملها بعض الناس على أنها مخالفة لهذا الأصل، وليس ذلك بصحيح؛ لأنها محتملة للتأويل، حسبما ذكرناه فيها؛ لأن الخلاف في ذلك معلوم من قول مالك وغيره من أصحابه، وقد مضى ذكر ذلك في سماع عبد الملك بن الحسن فلا معنى لإعادته. .مسألة قال في وصيته المائة التي عندي لفلان على حالها: قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه إذا لم يعرف أصل الحق لم تنتفع الورثة بالبراءة، لاحتمال أن يكون ما زاد على المائة التي أقر بها باقية عليه، وأما إذا عرف وجه الحق، فوجه قوله: إن البراءة تنفعه، هو ما ذكره من احتمال أن يكون نسي أنه قضاه الخمسين، ولذلك أقر له بجميع المائة، إذ لو صح من مرضه، فجاء بالبراءة وادعى أنه نسي ما قضاه، لوجب أن يصدق في ذلك مع يمينه، قياسا على ما قاله. في الذي يصالح الرجل على بعض حقه، ثم يجد بينة، لم يعلم بها، أو ذكر حق قد كان كتبه عليه. وقد مضى تحصيل القول في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم، من كتاب المديان والتفليس، فلا وجه لإعادته، وبالله التوفيق. .مسألة وصى عند موته أن يعتق نصف مكاتبه: قال محمد بن رشد: إنما قال: إن ذلك لا خير فيه؛ لأنه ضمان بثمن ضمن لهم الأنجم التي لهم على المكاتب، على أن عجلوا له العتق واحتالوا عليه أيضا بما كان لهم على المكاتب، إذا برأوا المكاتب مما كان لهم عليه وأعتقوه، ولا تجوز الحوالة بما لم يحل من الديون، فالمكروه في ذلك بين، إلا أنه لا يمكن رده، إذ قد فات الأمر فيه بالعتق، فلزمه الضمان الذي ضمن، ولا يكون لهم على العبد رجوع إن أعدم الضامن عند الأجل، ويتبعوه مما التزم لهم من الضمان في ذمته، ويرجع هو بذلك عليه وبالله التوفيق. .مسألة لا تجوز وصية لوارث: قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأنها إذا أوصت أن تكفن بثمن الخلخالين، فلم يؤثر بذلك أحد بنيها على بعض وأرادت أن يكون ما بعد الخلخالين من مالها ميراثا بين جميع ورثتها، فوجب إذا لم ينفذ ورثتها وصيتها في الخلخالين، أن يكونا ميراثا بين جميعهم، كما لو لم توص بشيء ولو أوصت لابنها بالدينار لما جازت وصيتها له به إلا أن يعلم صدق قولها كما قال، وقد تقدم مثل ذلك قرب آخر الرسم الأول من سماع أصبغ وفي غير ما موضع إلا أن تصح من مرضها، فيلزمها الإقرار له. وبالله التوفيق. .مسألة أوصى لرجلين أن يزوجا ابنته فزوجاها وأنكرت الجارية علمها بذلك: قال محمد بن رشد: قوله: إن شهادتهما لا تجوز إذا زوجاها فلم ترض بين لا إشكال فيه ولا اختلاف؛ لأنهما أشهد أن يجيزا فعلهما وأما قوله: إنهما لو شهدا بذلك عند القاضي قبل أن يزوجاها لجازت شهادتهما، فهو خلاف نص ما في المدونة من أنه لا تجوز شهادة الموصى إليه، وإن كان طالب الحق غيره، ومن أنه لا تجوز شهادة الرجل بأن الميت أوصى إلى أبيه، وإذا لم تجز شهادته أنه أوصى إلى أبيه، فأحرى أن لا تجوز شهادته إذا أوصى إليه. فقوله في هذه الرواية، مثل ما يدل عليه قوله في المدونة الذي يشهد أن الميت أوصى لقوم بوصايا، وأوصى للشاهد. قال ابن القاسم: فسمعت مالكا يقول: إن كان الذي شهد به لنفسه يسيرا تافها لا يتهم عليه، فشهادته جائزة. فأجاز شهادته إن كان الذي أوصي له به يسيرا مع أنه أوصى إليه في تنفيذ جميع وصاياه، وأما قوله: وإن رضيت ما صنعا ولم ينكر ذلك عليها رأيت النكاح جائزا فهو الذي يدل عليه قوله في أول المسألة ثم أنكرت الجارية؛ لأن فيه دليلا على جوازه لو لم تنكر، ومعنى ذلك عندي: إذا كان الرجلان اللذان زوجاها وادعيا التقديم على ذلك من الأب، وليس من أوليائها وأما إن كان أجنبيين فلا يجوز النكاح، وإن أجازته؛ لأنه عقده غير ولي. وبالله التوفيق. .مسألة أوصى في مرضه فقال عبدي فلان يخدم فلانا الأجنبي سنة ثم هو حر: قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأن الخدمة تسقط إذا لم تحمل ثلث العبدين، ولا أجاز ذلك الورثة وقطعوا لهما بالثلث، لوجوب تبدية العتق عند ضيق الثلث عن الوصايا بالمال والخدمة، وإذا وجبت المحاصة في الثلث، لم يبد أحدهما فيه على صاحبه، إذ لا مزية له عليه، من أجل أن كل واحد منهما إنما أوصى له بالعتق بعد سنة وبالله التوفيق. .مسألة قال في مرضه دبروا عبدي فلانا وأعتقوا عني رقبة وجبت على من ظهار: قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله، إذ لم يختلف قول ابن القاسم في أن كفارة الظهار تبدأ على المدبر في العرض، فكيف على الوصية بالعتق؟ لأن قوله دبروا عبدي فلانا وصية له بالعتق من الثلث على حكم التدبير في المرض في ذلك إن صح من مرضه كان له أن يرجع فيه؛ لأنه لم يدبره، وإنما أوصى أن يفعل ذلك بعد موته، فله حكم الوصية لا حكم التدبير وبالله التوفيق. .مسألة أوصى فقال لفلان ما بقي من ثلثي: قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة متكررة من قول مالك في مواضع من سماع عيسى ومضى الكلام عليها في رسم أوصى منه فلا وجه لإعادته، ولا لقوله. وهي من مسائل السر. وبالله التوفيق. .مسألة وصى أن يدفع ثلث ماله إلى أقاربه: محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى مثلها في الرسم الأول من سماع أصبغ، بزيادات على هذه. فتكلم عليه بما يغني عن الكلام في هذه، وبالله التوفيق. .مسألة أوصى وقال مائة دينار لبني يزيد: قال محمد بن رشد: قد مضى في رسم الوصايا والأقضية من سماع أصبغ القول مستوفى فيمن أوصى لولد فلان أو لبنيه فلا وجه لإعادته وبالله التوفيق. .مسألة نصراني هلك وأوصى بجميع ماله في الكنيسة: قال محمد بن رشد: هذا كما قال، إن النصراني إذا لم يكن له وارث من أهل دينه، فليس له أن يوصي بأكثر من ثلثه؛ لأن ورثته المسلمون وقوله: إنه يدفع ثلث ماله إلى أسقفهم، يجعله حيث أوصى معناه: إن شاء، فإنما يدفع إليه ثلث ماله، ليفعل فيه ما شاء على حكم دينه. وقوله: ويكون ثلثاه للمسلمين، معناه: يصرفه الولي في وجوه منافعهم على حكم الفيء حكى ابن المواز عن ابن القاسم من رواية أبي زيد عنه قال في الذي يموت ولا وارث له، قال: يتصدق بما ترك، إلا أن يكون الوالي يخرجه في وجهه، مثل عمر بن عبد العزيز فليدفع إليه، وإنما يكون ميراث من مات من أهل الذمة، ولا وارث له من أهل دينه للمسلمين، ولا يجاز له من وصيته أكثر من الثلث إذا كان من أهل العنوة أو من أهل الصلح والجزية على جماجمهم، وأما إن كان من أهل الصلح، والجزية مجملة عليهم لا ينقصون منها لموت من مات، ولا لعدم من عدم، فيجوز له أن يوصي بجميع ماله لمن شاء؛ لأن ميراثه لأهل مودة، على مذهب ابن القاسم، وهو قول سحنون خلاف ما ذهب إليه ابن حبيب من أن ميراثه للمسلمين، إذا لم يكن له وارث من أهل دينه على كل حال. وقد قيل في أهل العنوه: إن مالهم للمسلمين فلا يرثهم ورثتهم، ولا يجوز لهم وصية بثلث ولا غيره، وهو الذي يأتي على قياس ما في سماع سحنون، من كتاب التجارة إلى أرض الحرب، من أنهم في حكم العبيد المأذون لهم في التجارة. وبالله التوفيق. .مسألة أوصى فقال لفلان وفلان وفلان ثلثي ولفلان مالي: قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن الواجب أن يتحاصوا في الثلث على قدر وصاياهم، فيضرب فيه للموصى له بجميع المال، بثلاثة أمثال ما يضرب به للموصى لهم بالثلث، فيصير لهم ثلاثة أرباع الثلث، وهو ثلاثة من ربعه وللموصى له بالثلث ربعه، وهو واحد من أربعة، لا ينقسم عليهم، إلا بأن يضاعف إلى ثلاثة، بأن يضرب فيه ثلاثة، ويأخذ كل واحد منهم سهما من الثلاثة، ويضرب ثلاثة فيما بيد الموصى له بجميع المال، فيضرب له تسعة أسهم من اثني عشر كما قال. وبالله التوفيق. .مسألة أوصى أن عليه دينا لفلان لرجل لا يعرف: قال محمد بن رشد: هذا أحسن الأقوال في هذه المسألة وقد مضى تحصيل الاختلاف فيها في رسم اغتسل من سماع ابن القاسم وقال ابن القاسم في رسم نفذها من سماع عيسى: إن التافه اليسير في نحو هذا: الخمسة والعشرة ونحوها. وبالله التوفيق. .مسألة أوصى وقال إن رقيقي أحرار فأعتقوا ثم طرأ على الميت دين: قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة صحيحة، وهي تدل على صحة ما اعترضت به قول ابن القاسم، في سماع موسى. وبالله التوفيق. .مسألة أوصى فقال عبدي فلان يدفع إلى فلان عشرة دنانير ثم هو حر: قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة صحيحة على أصولهم في أن العتق بعينه مبدأ على الوصايا وفي أن من أوصى بعتق عبد إلى أجل، أو على مال يؤديه، فلم يحمله الثلث، إن الورثة مخيرون بين أن يجيزوا الوصية، وبين أن يعتقوا منه ما حمل الثلث منه بتلا وبالله التوفيق. .مسألة شهدا على رجل أنه أوصى فقال إن مت من مرضي فغلامي ميمون حر: قال محمد بن رشد: قوله في المسألة الأولى: إنه يعتق نصف ميمون ونصف مرزوق، معناه: إذا تكافأت البينتان في العدالة؛ لأنه إذا تكافئا سقطا جميعا، ويعلم أن العتق قد وجب لأحدهما يقينا فأعتق من كل واحد منهما نصفه، إذ لا يعلم من هو المعتق منهما، ولو كانت البينة الواحدة أعدل من الأخرى لقضي على مذهبه بالتي هي أعدل، وهو نص قوله في سماع أصبغ من كتاب العتق. وقال أصبغ فيه: إن شهادة الصحة أعمل وهو في هذه المسألة أظهر لأنها علمت من صحته ما جهلته الأخرى، ومثل قول أصبغ لابن القاسم في سماع أبي زيد عنه من كتاب الشهادات في التي أوصت في مرضها فشهد شهود أنها كانت صحيحة العقل، وشهد آخرون أنها كانت موسوسة؛ لأنه إذا قال في تلك: إن شهادة الصحة أعمل فأحرى أن يقول ذلك في هذه، وإذا قال في هذه: إنه ينظر إلى أعدل البينتين، فأحرى أن يقول ذلك في تلك وقد ساوى أصبغ في سماعه من كتاب العتق بين المسألتين فيتحصل في مجموع المسألة ثلاثة أقوال: أحدها: إنه ينظر فيهما جميعا إلى أعدل البينتين. والثاني: إن شهادة الصحة أعمل فيهما جميعا. والثالث: إن شهادة الصحة أعمل في هذه وينظر إلى أعدل البينتين في مسألة سماع أبي زيد من كتاب الشهادات، ويتخرج في مسألة سماع أبي زيد قول ثالث: إن شهادة المرض أعمل، ولا يقال ذلك في مسألتنا، إذ لا يصح فيها سوى القولين المذكورين. فهذا تحصيل القول في هذه المسألة. وأما قوله في الذي هلك وترك ولدا مسلما وولدا نصرانيا فشهد رجلان أنه مات على الإسلام، ورجلان أنه مات على النصرانية، إنه ينظر إلى أعدل البينتين، فإن استويا في العدالة كان المال بينهما بنصفين، فهو مثل قوله في المدونة خلاف قول غيره فيها: إن شهادة الإسلام أعمل، ومعنى ذلك إذا قال الشاهدان: عرفنا أنه على الإسلام، ولم نعرف أنه تنصر فشهادتنا أنه مات على الإسلام بغالب ظننا. وقال الآخران: عرفناه نصرانيا على دين النصرانية، ولم نعرف أنه أسلم، فشهادتنا أنه مات على النصرانية بغالب ظننا، وكذلك لو حصروا جميعا موته، فقال الاثنان منهم: تكلم عند الموت بكلمة الإسلام، ومات عليها، وقال الآخران: بل إنما تكلم بكلمة الكفر ومات عليها ولم يعرف في الأصل على كفر ولا على إسلام ينظر إلى أعدل البينتين أيضا فإن استويا في العدالة سقطتا، وقسم المال بينهما بنصفين بعد أيمانهما. وأما لو علم في الأصل كافرا فقالت إحدى البينتين: إنه أسلم ومات على الإسلام، وقالت الأخرى: ما أسلم، بل مات على الكفر لكانت البينة التي شهدت بإسلامه أعمل من الأخرى، وإن كانت أقل عدالة منها. فهذا تحصيل القول في هذه المسألة. وبالله التوفيق. .مسألة مريض باع عبدا بمائة دينار وقيمته ثلاث مائة دينارثم مات ولا مال له غيره: قال محمد بن رشد: هذه مسألة يتحصل فيها ثلاثة أقوال: أحدها قول ابن القاسم في هذه الرواية: إن الورثة يخيرون ابتداء بين أن يجيزوا البيع وبين أن يمضوا للمشتري من العبد ثلثه بالوصية وثلثه بالمائة التي دفع. وهذا إذا كانت قسمته على حالها، والمائة باقية فهذا معنى قوله فيها. والقول الثاني إنه يمضي منه للمشتري بالثمن، قدر ما لا محاباة فيه، ثم يخير الورثة في المحاباة، فإن شاؤوا أجازوها وأمضوها وإلا قطعوا له بثلث الثلث. وهو ثلث العبد، إذ لا مال له غيره. وهذا قول عيسى بن دينار وهو قريب من القول الأول، إذ لا فرق بينها وبينه إلا في تخير الورثة هل يكون ابتداء أو بعد أن يمضي منه لنشتري بالثمن قدر ما لا محاباة فيه؟ وتأول ذلك إلى اختلاف في المعنى. والقول الثالث: إن الورثة يخيرون ابتداء بين أن يجيزوا البيع وبين أن يردوه ويعطوا المشتري مائته التي كان دفع ويقطعوا له بثلث الميت في العبد المبيع وهو ثلثه، إذ لا مال له سواه. وهو قول ابن القاسم في سماع سحنون من كتاب الشفعة، ورواية أصبغ عن ابن القاسم عن مالك في الواضحة ولا يكون على هذا القول للورثة أن يلزموا المشتري أن يأخذ من العبد بالمائة التي دفع ما يجب لها منه بغير رضاه، ولا له أن يلزمهم ذلك بغير رضاهم، خلاف ظاهر هذه الرواية، وليس للمشتري على ظاهر هذه الرواية أن يزيد ما حاباه به الميت زائدا على الثلث، ويستخلص البيع، خلاف قول ابن القاسم في سماع سحنون ويحتمل عندي ألا يحمل شيء من هذه الرواية في هذه المسألة على ظاهره مما يوجب الاختلاف. وتفسير بعضها ببعض فلا يكون في المسألة خلاف، وترجع الروايات كلها إلى شيء واحد، فنقول على هذا: إن الحكم في المسألة أن يخير المشتري ابتداء، فإن أراد أن يزيد المحاباة ويستخلص البيع كان ذلك له، على ما في سماع سحنون من كتاب الشفعة، وإن أبى من ذلك واتفقوا جميعا على أدت يمضوا للمشتري من العبد بالثمن قدر ما لا محاباة فيه، ثم يكون الورثة بعد ذلك في المحاباة بالخيار بين أن يجيزوها أو يقطعوا له بثلث الميت، وهو ثلث العبد، إذ لا مال له غيره فعلوا ذلك على قول عيسى بن دينار، وإن لم يتفقوا على ذلك خير الورثة ابتداء بين أن يجيزوا الشراء على ما وقع عليه من المحاباة وبين أن يردوا إليه ماله، ويقطعوا له ثلث مال الميت، وهو ثلث العبد، إذ لا مال له غيره، على ما في سماع سحنون من كتاب الشفعة، وعلى ما حكى ابن حبيب عن مالك من رواية أصبغ عن ابن القاسم عنه إلا أن يريد المشتري أن يكون له من العبد بقدر المائة، ويرضى بذلك الورثة، فيكون له حينئذ ثلثا العبد، ثلث بالمائة التي دفع، وثلث بالوصية، إذ لم يجيزوا له الشراء، وقطعوا له بثلث العبد، إذ هو ثلث مال الميت، وهو أحسن ما يقال في هذه المسألة لأن حمل الروايات على الاتفاق أولى من حملها على الاختلاف. وبالله التوفيق. .مسألة أوصى فقال لفلان علي دنانير: قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأن الثلاثة يقين، وما زاد عليها شك، ولا تكون الوصايا بالشك، كما لا يكون الميراث به. وبالله التوفيق. .مسألة قالت ثلث مالي لأبي ثم قالت ثلث مالي لأخي: قال محمد بن رشد: قوله: ثلث مالي لأبي معناه: هبة له أو صدقة عليه، والهبة والصدقة في الصحة لازمة ولذلك لم ير لأخيها شيء؛ لأنها إنما تصدقت عليه بما قد وجب لأبيها بالقول المتقدم؛ لأنه حمل الثلث محمل الشيء المعين، يعطيه لرجل ثم يعطيه بعد لغيره. والأظهر أن يكون لأخيها ثلث الثلثين الباقيين من مالها. ووجه قوله: إنه صدقها في أنها لم تعط لأخيها إلا ذلك الثلث بعينه التي كانت أعطته لأبيها وبالله التوفيق. .مسألة أوصت بثلث مالها لأمها وأوصت أن لأختها عليها عشرين دينارا: قال الإمام القاضي: هذا بين على ما قاله؛ لأن وصيتها لا تدخل فيما أقرت به لأختها وإن كانت الوصية لها بذلك غير جائزة وإنما يكون فيما سوى ذلك من مالها وهو معنى ما في المدونة وغيرها وبالله التوفيق. .مسألة أوصى لبنت ابنه من ثلث ماله بمثل نصيب أحد بناته: قال الإمام القاضي: الظاهر من قول ابن القاسم من هذه المسألة أنه راعى قول الموصي من ثلث ماله وأعمله، وجعله دليلا على أنه إنما أراد أن يعطي الموصى لها من ثلث ماله، مثل نصيب أحد بناته من ثلثي ماله، ليكون لها بالوصية مثل ما لأحد بناته بالميراث، فلا يكون لها بذلك أكثر من حظها الواجب لها بالميراث، فلذلك قال: إنه يعزل الثلث ثم يقسم الثلثان على فرائض الله، فيعطي الموصى لها من الثلث، مثل ما صار لأحد بناته من الثلثين ثم إن فضل بعد الوصايا من الثلث فضل كانت فيه مع البنات كأنها منهن، ولو أوصى لها بمثل نصيب أحد بناته، ولم يقل من ثلث ماله، لقال: إنها تعطى مثل نصيب أحد بناته من جميع ماله ابتداء ثم يقسم الباقي على الفرائض على ما قال في المدونة وغيرها، فالذي يوصي لرجل بمثل نصيب أحد بنيه، وله ثلاثة بنين، إنه يكون للموصى له الثلث، ثم يقسم الثلثان على البنين ثلاثة فيصح للموصى له أكثر مما صار لكل واحد منهم. ومن الناس من ذهب إلى أن قول ابن القاسم في هذه الرواية خلاف لما في المدونة وأنه لا فرق بين أن يقول الموصي: ثلث مالي، أو يسكت عن ذلك؛ لأنه قد علم أن الوصايا لا تكون إلا من ثلث المال، فإذا قال: أعطوا فلانا مثل نصيب أحد ولدي فإنما معناه: أعطوه من ثلث مالي، مثل نصيب أحد ولدي والاحتمال أن يريد مثل نصيب أحد ولده من جميع ماله، فيكون له أكثر مما يصير لكل واحد منهم بالميراث، واحتمل أن يريد مثل نصيب أحد ولده مما بقي بعد الوصية، فيكون له مثل ما يصير لكل واحد منهم بالميراث، مثل قول ابن القاسم في هذه الرواية كما لو قال: هو من عدد ولدي، فإنما محمله في المدونة على الوجه الأول، وحمله في هذه الرواية على الوجه الثاني. والأظهر أن قول ابن القاسم لم يختلف في ذلك، وإنما فرق بين أن يقول من ثلثي، أو يسكت عن ذلك. وبالله التوفيق.
|